ديوان (ليلي عريي)، للفيلسوف الفرنسيّ جورج باتاي
ترجمة محمد عيد إبراهيم
صدر مؤخراً منذ أيام
عن دار (ألف ليلة) في القاهرة، الأعمال الشعرية للفيلسوف الفرنسيّ جورج باتاي، تحت
عنوان (ليلي عريي)، وقد قام بترجمتها الشاعر والمترجم المصريّ محمد عيد إبراهيم، كما
صمّم غلافها الفنان الجزائريّ زبير فارس. ويضمّ الكتاب ما تم العثور عليه من قصائد
باتاي، بالإضافة إلى سيرة ذاتية فلسفية كتبها المؤلف لنفسه، غير مقالة أيضاً
فلسفية عن رؤية جورج باتاي للشعر.
ويعدّ شِعر جورج
باتاي شِعرُ فيلسوف. فثمة موضوعات محدّدة: الرحابة، المستحيل، العدم، الرغبة،
الفراغ ـ والتي نظلّ نحصدها في كلّ قصيدة تقريباً، ومع أنها معروفة ضمن سياق نصوصه
الفلسفية، لكنها تتّخذ هنا شكلاً مختلفاً في الشِعر حيث نطاق الإيروسية هو نطاق
العنف، نطاق الانتهاك، انتهاك يحدّه الموت، يحدّه القتل، وزُبدة الإيروسية أنها
تصدمُ الجوهرَ الداخليّ للكائن الحيّ، فيقف القلبُ ساكناً. يقول: (كلّنا نحسّ بماهية الشِعر… فالشِعر
يقودنا إلى المكان نفسه، كأشكال الإيروسية كافّة ـ إلى المزيج الذي تنصهر به
الموضوعات المنفصلة. يقودنا إلى الأبدية، يقودنا إلى الموت، وعبر الموت إلى
التواصلية. الشعر هو الأبدية؛ الشمس التي تتواءم مع البحر.)
والمترجم المصريّ محمد عيد إبراهيم شاعر له ثلاثة عشر
ديواناً من قبل، وهو يعدّ من أبرز رواد جيل السبعينيات الشعريّ في مصر، كما له
منجز ثقافي كبير في مجال الترجمة، حيث أصدر قرابة سبعين كتاباً مترجماً في كافة
مجالات المعرفة: شعرية ونقدية وروائية ومسرحية وغيرها.
وتسعى دار (ألف ليلة) إلى إصدار أعمال طليعية في
منشوراتها، تعبّر عن زمانها، حيث يقوم عليها الروائيّ الحداثيّ المبدع عبد النبيّ
فرج، في محاولة لتنوير هذا المجال ضمن الحالة المصرية الحالية، وهو دور نتمنى له
أن يستمر.
ومن أجواء الديوان، نقتطف ما يلي:
(أنتِ رعبٌ من الليلِ
حبي لكِ كصَيحةِ الموتِ
واهِنةٌ أنتِ كالموتِ،
حبّي لكِ بَطحَةُ الحُمّى
تعلمينَ رأسي يموتُ
أنتِ واسِعةٌ كالخوفِ،
أنتِ جميلةٌ كالقتلِ
فينبَسطُ قلبي شَنيعاً أختنقُ
بطنُكِ حاسِرٌ كالليلِ.
تُرشِدينني للهلاكِ من فَوركِ
سَكراتُ الموتِ قد وَقَعَت
لم يعُد عندي مَزِيدٌ لأحكي
أُكلّمكِ مِن بينِ مَوتَى
ولا يتكلّمُ الموتَى.)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق